كشفت إحدى الدراسات التي أجريت مؤخرا عن أن المراهقين المصابين بالاكتئاب يقضون أوقاتا أطول من غيرهم في الاستماع للموسيقى، ولكن الدراسة رجحت أن الموسيقى ليست السبب في إصابة المراهقين بالاكتئاب، ولكنهم يلجأون إليها بشكل أكبر كلما اشتد إحساسهم به.
فالموسيقى تمثل لمرضى الاكتئاب في هذه الحالة ملاذا وملجأ يجدون به بعض السلوى وشيئا يخفف من وطأة المشاعر السلبية التي تسيطر عليهم.
وقال الباحثون المشرفون على الدراسة: "من الضروري أن نوضح أهمية عدم اعتبار نتائج هذه الدراسة ضد الموسيقى، فعلى العكس المقصود هو أن مرضى الاكتئاب من المراهقين يلجأون لسماع الموسيقى أكثر من غيرهم حتى تساعدهم على تجاوز إكتئابهم ولو بشكل نسبي".
وقد أجريت الدراسة على مجموعة من المراهقين لاكتشاف العلاقة بين الموسيقى والاكتئاب، ووجد أن أكثرهم مواظبة على الاستماع إلى الموسيقى لفترات طويلة -صل إلى خمس ساعات يوميا - هم أكثر من ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب واضحة بشكل متكرر في فترة إجراء الدراسة.
ويرى الخبراء أن هذه النتائج يجب أن يدركها جيدا الآباء والمدرسون والأطباء النفسيون، لأنها ستساعدهم في اكتشاف وتشخيص حالات الاكتئاب لدى المراهقين مبكرا، وذلك من خلال ابتعادهم عن الآخرين وتفضيلهم للحياة في عالم الأنغام الموسيقية لساعات طويلة يوميا.
كما وجدت الدراسة كذلك أن المراهقين المصابين بالاكتئاب يكون إقبالهم على قراءة الكتب أو المجلات أو الصحف ضعيفا، وذلك عند مقارنتهم بالآخرين الذين لا تظهر عليهم أعراض الاكتئاب.
ويفسر ذلك بأحد احتمالين: إما أن المواظبة على القراءة توفر للمراهقين حماية من نوع ما من الاكتئاب، وإما أن المصابين بالاكتئاب لا يمكنهم التركيز والانتباه لفترة طويلة، وهو ما يبعدهم بطبيعة الحال عن الشغف بالقراءة.
العينة التي أجريت عليها الدراسة شملت 46 مراهقا من المصابين باضطرابات اكتئابية واضحة، و60 آخرين ليس لهم أي سابقة في الإصابة بالاكتئاب، وكان متوسط أعمار الجميع هو 12 عاما.
وكان جميع المشاركين يحملون هاتفا جوالا، لكن لم يسمح لهم بالاتصال بالآخرين بل يمكنهم فقط تلقي المكالمات الواردة على هواتفهم. واستمرت الدراسة لمدة خمسة أسابيع، قام خلالها الباحثون بالاتصال بالمراهقين عدة مرات يوميا من يوم الجمعة وحتى يوم الاثنين أسبوعيا، ومن يرد من المشاركين على 60 مكالمة هاتفية خلال فترة الدراسة يحصل على مكافأة مالية. وكان متاحا لكل المراهقين وسائل ترفيهية مختلفة تنوعت ما بين التليفزيون والموسيقى وألعاب الفيديو والانترنت والقراءة (كتب - مجلات - صحف).
وفي كل مكالمة هاتفية كان على المراهق أن يجيب على أسئلة تتعلق بنشاطه الحالي: ماذا يشاهد أو يقرأ وما نوع الموسيقى التي يستمع إليها الآن.
بعد ذلك تم تقسيم المشاركين في الدراسة إلى أربعة أقسام وفقا لكم الوقت الذي قضوه في ممارسة كل مجال من المجالات الترفيهية المتاحة، مع ربط ذلك بحالة كل مراهق بالنسبة لإصابته بالاكتئاب النفسي من عدمه.
اتضح من ذلك أن ألعاب الفيديو والانترنت ليس لها أي علاقة بالاكتئاب حيث إن من أقبلوا عليها ليست لهم أي سوابق بالنسبة للأعراض الاكتئابية، وكذلك مشاهدة التليفزيون والأفلام، وقد أثارت هذه النتيجة الأخيرة دهشة الباحثين لأنهم كانوا يعتقدون أن هناك علاقة وثيقة بين الاكتئاب ومشاهدة التليفزيون، لأن الإنسان عندما يشعر بالاكتئاب لا يعمل مخه بالكفاءة المطلوبة،ومن هنا من المستبعد أن يقبل على قراءة كتاب مثلا، ولكن الأسهل بالنسبة له في هذه الحالة أن يجلس بشكل سلبي أمام شاشة التليفزيون ويشاهد ما يعرض أمامه.
وقد ثبتت صحة النصف الأول من الفرضية، حيث إن المجموعة التي أقبلت على القراءة بشكل عام، كانت من بين الأصحاء الذين لا يعانون من أي أعراض اكتئابية، بينما كان إقبال المكتئبين على القراءة ضعيفا للغاية.
أما بالنسبة للموسيقى فقد وجدت النتائج السابق ذكرها، فهل أنت ممن يستمعون للموسيقى لساعات طويلة يوميا؟ إذا كان ذلك صحيحا فقد يكون ذلك مؤشرا على إصابتك بالاكتئاب وضرورة الحصول على مشورة طبية من متخصص لتدارك الأمر قبل استفحاله.
[b]